جبران خليل جبران
1883 - 1931م
أبرزُ وجهٍ عرفَتْه النّهضة الأدبية الحديثة، وثورةٌ تجديديّةٌ على ما غَبَر ومَضى من أساليب وأوضاع وتقاليد.
مبدعُ تفكيرٍ وتصويرٍ ومُصلحٌ اجتماعيٌّ إلى حدِّ التّطرف والمغالاة. شخصيةٌ فذّةٌ في الكتابة والقصة والشِّعْر والرّسم والموسيقى. هذا هو جبران خليل جبران.
وُلِد في بشرّي بلبنان.
احتضنه بيتٌ معدمٌ قلّما ذاق للوفاق العائلي طعمًا: فالأب عاملٌ يدمن السُّكْر وقسوة المعاملة، والأم حازمةٌ ذكيةٌ ترحلُ بأولادها الأربعة إلى حيٍّ من أحياء بوسطن في الولايات
المتحدة، وجبران لم ينجز بعد الحادية عشرة من عمره..
بعد ثلاثة أعوام عاد جبران إلى لبنان تلميذًا غير نظاميّ، فعَلِقَ قلبه بفتاةٍ من ذوات اليسار، حالت دونهما التقاليد.
فُجِعَ بوفاة أخته وأخيه وأمه، فكان لذلك أعمق الأثر في نفسه.
أقام مدّةً قصيرةً في باريس حيث تضلّع في دراسة الفن. وحين عاد إلى نيويورك، أسّس الرابطة
القلمية سنة 1920، وذاع صيته في العربية والإنكليزية.
فارق دنياه بعد عمرٍ قصيرٍ، لكنّه حافل بالنّشاط والإشعاع.
أشهر مؤلفاته العربية: "دمعة وابتسامة"، "الأجنحة المتكسرة"، "العواصف"،
والإنكليزية: "النبي"، "رمل وزبد"، "يسوع بن الإنسان".
البارز في أدب جبران أنه أجاد في وصف أمراض المُجتمع الشّرقي الغارق في بحرٍ آسِنٍ من التّقاليد
البالية والعادات الرّجعية السّخيفة التي تغتال الحرّية وتقضي على حقّ الإنسان في أن يحيا حياةً حرّةً
كريمةً. فدعا إلى تحطيم هذه القيود الثقيلة التي تُكبّل الفرد وتحرمه التّمتع بحريته. لكنّ
دعوته تلك ذهبت صرخةً في وادٍ، فقال:
"كتبتُ على باب منزلي هذه العبارة: اتْرُك عاداتك وادخل، فلم يدخل أحد".
وعندما هاجر جبران إلى أميركا صُدِم بما رآه من خضوع النّاس فيها لعبوديةٍ من نوعٍ آخر، وهي
عبودية المال.
ويمكن القول في نزعة جبران المتحرّرة ومحاولته القضاء على أمراض المجتمع، إنّه أحسَنَ في تشخيص
الدّاء ولكنّه لم يحسن في وصف العلاج، لأن دعوته إلى الحرية المطلقة، من دون ضوابط، تؤدي إلى
الانفلات والفوضى وبالتالي إلى عبودية الأهواء والنزوات.