إن الماء هو سر الحياة بعد الأوكسجين مباشرة الماء في الكرة الأرضية تبلغ نسبته من حيث
المساحة 70.8% ( 358 مليون كم2 ) من مساحة الكرة الأرضية البالغة حوالي 510 مليون كم2
في حين تبلغ مساحة اليابسة ما نسبته حوالي 29.2% فقط ( حوالي 152 مليون كم2 ) .
تتوزع هذه النسب ما بين المياه المالحة بالبحار و المحيطات و المياه العذبة بالبحيرات و
الآبار و المياه الجوفية و الأنهار و حوالي ثلاثة أرباع المياه العذبة تكون على شكل جليد في
مناطق القطبين و مرتفعات الجبال .
الماء العذب السائل الصالح للاستخدامات البشرية من شرب و استخدامات منزلية وزراعية و
صناعية حوالي 0.8% فقط حوالي 12 مليون كم3 و هذه الكمية تتوزع ما بين الأنهار و البحيرات
حوالي 0.4 مليون كم3 و باطن الأرض .
من هنا يتضح أن ماء العذب الصالح للشرب و الاستعمالات الإنسانية المختلفة قليل جداً . ولم
تقتصر مشكلة الماء على قلته لا بل عمد الإنسان على تلويث هذا الماء القليل و قد استرعت
مشكلة الماء اهتمام العديد من الهيئات الرسمية و الأهلية على المستويات الدولية والمحلية و
لم تكن الأمم المتحدة بمعزل عن هذا الاهتمام إذ تبنت عقد المؤتمرات الدولية حول قضايا
المياه غايتها وضع الدراسات و اتخاذ التوصيات و الخطوات اللازمة من أجل تأمين المياه
للجميع و للاستعمال المنزلي و الزراعي و الصناعي على اعتبار أن توفير المياه الصالحة يتصل
اتصالا مباشرا و دقيقا بكل الجهود التي ترمي إلى تحسين البيئة الإنسانية و تطويرها. و قد
قررت الجمعية العامة للأمم المتحدة اعتبار يوم 22 من شهر آذار من كل عام يوم عالمي
للماء ابتداء من عام 1993 و دعت كافة الدول للعمل على زيادة الوعي بأهمية هذه المورد
الطبيعي و ضرورة ترشيد استهلاكه و تطوير مصادره و المحافظة عليه .
هناك جملة من الأسباب التي أوجدت نقصاً في كمية الماء الصالح للاستعمال و أهمها :
1- زيادة عدد السكان .
2- زيادة احتياجات السكان للمياه .
3- سوء استخدام المياه و عدم الاقتصاد في استخدامه .
4- ارتفاع أعداد المشاريع الصناعية التي تحتاج للماء لأسباب كثيرة .
5- ارتفاع أعداد المشروعات الزراعية المروية و على وجه الخصوص الشجرية منها .
مصادر تلوث المياه :
أهم مصادر تلوث المياه ( العذبة و المالحة ) تشمل مايلي :
1- مصادر منزلية : و هو ما يلقى من ملوثات في المياه سواء إلقاء القاذورات أو
القمامة المختلفة الناتجة عن فضلات استخدام البيوت و هذه تزداد بازدياد سكان
المنطقة .
2- مصادر بشرية و حيوانية : و تشمل عوامل تلويث الإنسان للمياه نتيجة لاستخدامه
غير العقلاني لها كاستحمام الإنسان في الأنهار و البحيرات و القنوات و التبول و الإخراج بها
أو غسل و تنظيف حيواناته فيها و إلقاء جثث الحيوانات النافقة فيها أو إلقاء أية مواد
و فضلات أخرى .
3- مصادر الصرف الصحي : تتكون مياه الصرف الصحي من المياه المستخدمة في المطابخ و
المغاسل و دورات المياه و مغاسل السيارات بالإضافة لمياه الأمطار و المياه المستخدمة في غسل
الطرقات و الساحات و السيارات و الآليات و تعد مشكلة التخلص من مياه الصرف الصحي من
أهم المشاكل الرئيسية التي تواجه المسؤولين عن الصحة العامة في المدن و تزداد هذه المشكلة
حدة عندما تتسع المدينة و تتصل ضواحيها بضواحي المدن الأخرى المجاورة لها و يتكون من
الجميع وحدة سكانية بالغة الضخامة . و تكمن خطورة مياه الصرف في العديد من الدول التي
ترميها من غير معالجة في المياه من بحار و أنهار مما يجعلها بديهيا غير صالحة للشرب و تؤدي إلى
التأثير على الحياة المائية و تؤدي إلى نفوق العديد من الكائنات المائية عدا عن الأخطار
التي تؤدي إليها .
4- المصادر الصناعية : و هي ما يلقى في المياه من ملوثات و فضلات ناتجة عن المصانع
المختلفة و هذه الفضلات تتميز بشدة احتوائها على مواد سامة خطيرة يصعب التخلص منها
كالسيانور و الفينول و بعض المركبات الكيماوية و يشير بعض الباحثين إلى أن مياه المصانع
و فضلاتها تشكل حوالي 60% من مجموع المواد الملوثة للبحار و البحيرات والأنهار . و يرتبط
بتلوث الماء الناتج عن المصادر الصناعية ما يعرف بالتلوث الحراري الّذي يقصد به ارتفاع
درجة حرارة المياه مما يؤدي إلى التأثير على التوازن البيئي لذلك المسطح المائي من خلال
تأثيره على الأحياء المائية التي قد يضعف نشاطها أو تموت . و قد لوحظ أن الأنهار الملوثة
حراريا لا تحتوي مياهها على الأسماك و اللافقاريات عند وصول درجة الحرارة إلى 50درجة
مئوية أو أكثر و ذلك أن ارتفاع درجة حرارة المياه يؤدي إلى تغيرات كبيرة في الحياة المائية
حيث تقل كمية الأوكسجين المذاب في الماء مما يسبب نقصاً في القدرة على التنقية الذاتية
للمياه .
5- مصادر بترولية : و هي ما يصل إلى المياه من بترول و مخلفات البترول و ظاهرة
التلوث بمخلفات البترول أصبحت متزايدة منذ بداية النصف الثاني منذ القرن العشرين إذ
أنها تلوث مياه الكثير من المصايف و تلوث رمال الشاطئ لكثير من المدن الساحلية . تتعدد
أسباب تلوث المياه بمخلفات البترول فقد تنتج بسبب الحوادث البحرية التي تحدث لناقلات
البترول أو من بعض الحوادث التي تقع أحياناً أثناء عمليات الحفر لاستخراج البترول من بعض
الآبار البحرية و قد يحدث هذا التلوث نتيجة لتسرب البترول من بعض الآبار المجاورة للشواطئ
أو بسبب تلف بعض خطوط الأنابيب التي تنقل النفط من منابعه إلى شواطئ البحار لتحميله في
الناقلات و تصديره . كما قد ينتج جزء كبير من هذا التلوث نتيجة إلقاء بعض النفايات و
المخلفات البترولية من ناقلات البترول أثناء سيرها في عرض البحر .
6- مصادر زراعية : ساهمت الحاجيات الزراعية إلى تلوث المياه حيث أن المحصول يحتاج
لمركبات كيميائية لمكافحة الحشرات المتنوعة وهذا الاحتياج يؤثر على المياه و يلوثها من
خلال مياه السيول التي تجرف هذه المركبات إلى المصادر المائية و تؤدي إلى تلوثها بمركبات
النيترات NO3 و النتريت NO2 و الكبريت SO4 و الأمونيوم NH4 و أملاح الفسفور . و من
المبيدات الشائعة الاستخدام مركبات الكلور العضوية و هي مركبات ثابتة يتطلب تفككها
سنوات عديدة . نتيجة الاستعمال الخاطئ و المفرط للمبيدات الزراعية و كون النباتات تأخذ
منها حسب احتياجها و قدرتها على التحمل فإن كميات هائلة من هذه المركبات تبقى في التربة
مسببة مشكلة بيئية خطرة لها آثارها السلبية و مع هطول الأمطار تترسب إلى طبقات الأرض و
تؤدي إلى تلوث المياه الجوفية أيضاً و بذلك يكون تأثيرها على المياه السطحية و الجوفية و
حتى تتبخر مع حرارة الشمس و تؤدي لتلوث الهواء المحيط الّذي يؤثر بدوره على المساحات
المكشوفة من الماء
7- مصادر نباتية : ويقصد به وجود النباتات المائية في القنوات و الترع و الأنهار
يسبب في إعاقة الملاحة بالإضافة إلى أنه يؤدي إلى جعل النهر مكانا مواتياً لنمو الكائنات
التي تلعب دوراً هاماً في أمراضاً متعددة كالبلهارسيا و الملاريا و الدودة الكبدية و
يعرض الثروة السمكية للموت .
8- مصادر التلوث الناتجة من خزانات مياه الشرب و الأنابيب التي تنقلها :
قد تتعرض خزانات مياه الشرب المنتشرة فوق أسطح المنازل إلى كثير من العوارض التي تؤثر
على نظافتها كالصدأ و بعض الأوساخ و سقوط الطيور و بعض القوارض و الحشرات إن لم يتم
إغلاقها بإحكام و التعامل معها بدون معالجة للمياه بصورة صحية يجعلها مكانا مناسباً
لنمو الفطريات التي تسبب أمراضاً طفيلية كضررها بالجهاز الهضمي خصوصا عند الأطفال لذلك
يجب تنظيف هذه الخزانات بشكل دوري أما شبكة مياه الشرب قد تتعرض للتلف و الصدأ و تؤدي
بالتالي لتلوث المياه فيها لذلك لا بد من مراقبتها باستمرار و لا بد من استخدام المرشحات
فيها مما يساعد على التخلص من الملوثات العالقة في المياه و يجعل منها مياه صالحة للشرب .